مع تقدم المملكة العربية السعودية نحو أهداف رؤيتها 2030، يبرز مترو الرياض كواحد من أكثر المشاريع التحويلية، ويرمز إلى التزام المملكة بالحداثة والاستدامة. تم الإعلان عن هذا النظام الضخم للنقل العام في عام 2014، ومن المقرر أن يستقبل أول ركابه في وقت لاحق من هذا العام، مما يمثل معلمًا مهمًا في رحلة الرياض نحو مستقبل أكثر استدامة.
ركيزة من ركائز رؤية 2030
لا يعد مترو الرياض مجرد مشروع للبنية التحتية؛ بل إنه جزء حيوي من رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وهي خطة طموحة لتنويع الاقتصاد، والحد من الاعتماد على النفط، وتحسين نوعية حياة المواطنين. ومن المقرر أن يحدث المترو ثورة في النقل العام في الرياض، وهي مدينة تهيمن عليها حاليًا حركة السيارات، حيث تشكل الازدحام المروري وأوقات التنقل الطويلة تحديات شائعة للسكان.
النطاق الواسع للمشروع
مع النمو السريع للرياض، حيث من المتوقع أن يصل عدد سكانها إلى 15 مليونًا بحلول عام 2030، أصبحت الحاجة إلى نظام شامل للنقل العام ملحة بشكل متزايد. ويلبي مترو الرياض هذه الحاجة بستة خطوط رئيسية تمتد على مسافة 176 كيلومترًا و85 محطة، وتقع بشكل استراتيجي لخدمة المناطق الأكثر كثافة سكانية والمرافق الحكومية الرئيسية والمؤسسات التجارية والتعليمية الحيوية.
خطوط المترو والتغطية
– الخط الأزرق: يمتد على طول محور طرق العليا والبطحاء والحائر، ويغطي هذا الخط 38 كيلومترًا.
– الخط الأحمر: يتبع طريق الملك عبدالله، ويمتد لمسافة 25.3 كيلومترًا.
– الخط البرتقالي: يمتد من طريق المدينة المنورة إلى طريق الأمير سعد بن عبد الرحمن الأول، ويمتد هذا الخط لمسافة 40.7 كيلومترًا.
– الخط الأصفر: متصل بطريق مطار الملك خالد الدولي، ويغطي 29.6 كيلومترًا.
– الخط الأخضر: يتبع طريق الملك عبد العزيز، وهو الأقصر حيث يبلغ طوله 12.9 كيلومترًا.
– الخط البنفسجي: يمتد من طريق عبد الرحمن بن عوف إلى طريق الشيخ حسن بن حسين بن علي، ويغطي 30 كيلومترًا.
المحطات الرئيسية والاتصال
تم تصميم محطات مترو الرياض بنمط معماري موحد، مما يضمن هوية فريدة للمشروع. وهي مكيفة ومجهزة بأنظمة معلومات الركاب وتوفر إمكانية الوصول إلى الإنترنت لتجربة مريحة. كما ستضم بعض المحطات متاجر التجزئة ومرافق وقوف السيارات. بالإضافة إلى ذلك، تم توزيع 21 موقعًا لركن السيارات والركوب، بسعة تتراوح من 200 إلى 600 سيارة لكل منها، بشكل استراتيجي في جميع أنحاء المدينة لتبسيط التنقل.
الابتكار في جوهره
يشكل الابتكار والاستدامة جوهر مترو الرياض. القطارات مؤتمتة بالكامل ومصممة لراحة الركاب وكفاءة الطاقة. وتضمن التكنولوجيا المتقدمة السلامة، مع أنظمة مراقبة حديثة ومعدات إطفاء الحرائق وآليات سلامة الأنفاق. يتم توريد عربات المترو من قبل شركات عالمية رائدة:
– 74 مجموعة من قطارات Inspiro للخطين 1 و2، مقدمة من شركة Siemens
– 47 قطارًا من طراز Innovia Metro 300 للخط 3، مقدمة من شركة Bombardier
– 69 مجموعة من قطارات Metropolis للخطوط 4 و5 و6، مقدمة من شركة Alstom
تصميم محطة مستقبلي
ستعمل محطات رئيسية مثل قصر الحكم، ومركز الملك عبد الله المالي، ومحطة الغربية، ومحطة شركة الاتصالات السعودية كمحاور رئيسية تربط بين خطوط المترو المختلفة وشبكة الحافلات. تتميز هذه المحطات بوسائل الراحة الحديثة، بما في ذلك تكييف الهواء، وأنظمة معلومات الركاب، والوصول إلى الإنترنت. كما سيوفر بعضها منافذ بيع بالتجزئة ومرافق وقوف السيارات، مما يعزز من راحة الركاب.
الالتزام بالاستدامة
الاستدامة هي حجر الزاوية في مشروع مترو الرياض. يشتمل تصميم وبناء المحطات على مواد خضراء وأنظمة موفرة للطاقة ومصادر طاقة متجددة. على سبيل المثال، تولد الألواح الكهروضوئية في المستودع الغربي (الخط 3) 33% من احتياجات المنشأة من الطاقة. ويؤكد المشروع أيضًا على الحفاظ على المياه، مع تخفيضات كبيرة في استخدام المياه في الأماكن المغلقة والمفتوحة. والجدير بالذكر أن محطة مترو الرياض ومحطة حي قصر الحكم حققتا وفورات كبيرة في الطاقة وهما في طريقهما للحصول على شهادة LEED الفضية، مما يؤكد التزام المشروع بالمسؤولية البيئية.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
من المتوقع أن يكون لمترو الرياض تأثير اقتصادي واجتماعي عميق يتجاوز فوائده البيئية. لقد خلق المشروع بالفعل آلاف الوظائف خلال مرحلة البناء وسيستمر في القيام بذلك خلال مرحلته التشغيلية. من خلال توفير نظام نقل عام موثوق وفعال، سيقلل المترو من اعتماد المدينة على المركبات الخاصة، مما يؤدي إلى تقليل الازدحام المروري، وانخفاض الانبعاثات، وتحسين جودة الهواء.
ستشمل شبكة النقل العام في الرياض 6 خطوط مترو، و84 محطة مترو، و80 خط حافلات، و2860 محطة حافلات، و842 حافلة، مع سعة ركاب إجمالية تبلغ 1.7 مليون شخص يوميًا في مرحلتها الأولية. ومن المتوقع أن تخدم خدمات المترو نحو 1.2 مليون شخص يوميًا، في حين من المتوقع أن تخدم حافلات المترو 500 ألف شخص بمجرد تشغيلها بالكامل. وتهدف هذه الشبكة الشاملة إلى إنشاء مدينة مترابطة، تعزيز القدرة على الحركة وتشجيع النشاط الاقتصادي.
وعلاوة على ذلك، تم تصميم المترو ليكون في متناول جميع فئات السكان، ويلعب دورًا حاسمًا في تحسين القدرة على الحركة وجودة الحياة لجميع السكان. كما أن تكامل الشبكة مع البنية التحتية الحالية في الرياض سيجعل من السهل على الناس التنقل إلى العمل والمدرسة وغيرها من الوجهات الأساسية، مما يعزز الإدماج الاجتماعي والنشاط الاقتصادي.
نظرة خاطفة إلى المستقبل
مع استعداد الرياض لإطلاق نظام المترو، تقف المدينة على أعتاب عصر جديد في مجال النقل العام. إن مترو الرياض هو أكثر من مجرد شبكة نقل؛ إنه رمز لتفاني المملكة في بناء مستقبل مستدام وحديث وشامل. ومع اكتمال المترو، لن تخفف الرياض من مشاكل المرور المزمنة فحسب، بل ستضع أيضًا معيارًا جديدًا للنقل الحضري في المنطقة، مما يعكس الروح الرؤيوية لرؤية المملكة العربية السعودية 2030.
إن مترو الرياض على استعداد ليصبح قوة تحويلية، تعيد تشكيل الطريقة التي يتنقل بها الناس في جميع أنحاء المدينة وتساهم في جعل الرياض أكثر خضرة وترابطًا وحيوية للأجيال القادمة.